أسباب الفيضانات وأثرها

عنوان المقال: أسباب الفيضانات

تُعد الفيضانات من أخطر الكوارث الطبيعية التي تصيب مناطق واسعة من العالم، وتتسبب في دمار اقتصادي واجتماعي وبيئي كبير. تتعدد أسباب الفيضانات، وتتنوع بحسب الموقع الجغرافي، والخصائص المناخية، والعوامل البشرية المؤثرة على البيئة. كما تختلف حدة الفيضانات ومدى تأثيرها تبعاً لحجم المياه المتدفقة وسرعة جريانها، ومدى استعداد البنية التحتية في المنطقة المتضررة. يعد فهم أسباب الفيضانات أمراً جوهرياً لوضع استراتيجيات فعّالة للوقاية منها أو التخفيف من أضرارها.

يهدف هذا المقال إلى تحليل العوامل الطبيعية والبشرية المسببة للفيضانات، والوقوف على أبرز الأمثلة التاريخية للفيضانات حول العالم، بالإضافة إلى توضيح أثرها على البيئة والمجتمعات، وتقديم نظرة تفصيلية علمية دقيقة تغطي هذا الموضوع بشكل موسع.

أولاً: العوامل الطبيعية المسببة للفيضانات

1. الأمطار الغزيرة والمستمرة

يُعد هطول الأمطار بكميات كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة أو الأمطار المستمرة لفترات طويلة من أبرز أسباب الفيضانات. عندما يتجاوز حجم المياه قدرة التربة على الامتصاص أو قدرة الأنظمة المائية على التصريف، تتجمع المياه فوق سطح الأرض وتسبب فيضانات. يُلاحظ هذا النوع من الفيضانات في المناطق المدارية أو التي تتعرض لرياح موسمية مثل جنوب آسيا.

2. ذوبان الثلوج والجليد

في المناطق القطبية أو الجبلية المرتفعة، يؤدي ذوبان الثلوج السريع نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في الربيع أو بسبب موجات حر إلى إطلاق كميات هائلة من المياه خلال وقت قصير. إذا لم تتمكن الأنهار أو البحيرات من استيعاب هذه الكمية، تحدث فيضانات مفاجئة.

3. الفيضانات الساحلية والعواصف

تنتج الفيضانات الساحلية عن ارتفاع منسوب مياه البحر بسبب الأعاصير المدارية أو العواصف القوية. تؤدي الرياح العاتية والضغط الجوي المنخفض إلى دفع المياه باتجاه اليابسة، مما يتسبب في غمر المناطق الساحلية. يُطلق على هذه الظاهرة مصطلح “العواصف البحرية” (Storm Surges)، وهي مسؤولة عن العديد من الكوارث في المناطق الساحلية حول العالم.

4. الفيضانات النهرية

تحدث نتيجة ارتفاع منسوب مياه الأنهار بشكل يفوق قدرة ضفافها على احتواء المياه. وغالباً ما تحدث هذه الفيضانات بعد فترات طويلة من هطول الأمطار في مناطق الأحواض النهرية، كما يمكن أن تكون نتيجة تراكم الثلوج وذوبانها في منابع الأنهار.

5. الفيضانات الناتجة عن السدود أو البحيرات الجبلية

في بعض الأحيان، تؤدي انهيارات طبيعية أو انهيارات أرضية إلى تكوّن بحيرات مؤقتة خلف السدود الطبيعية أو الصناعية. وإذا ما انهار هذا الحاجز فجأة، تنطلق المياه المخزنة بشكل مدمر إلى أسفل الوادي، محدثة فيضانات كارثية.

6. الزلازل والانهيارات الأرضية

يمكن أن تتسبب الزلازل أو الانهيارات الأرضية في سد مجرى نهر أو بحيرة، ما يؤدي إلى تجمع المياه خلف هذا السد المؤقت. وفي حال انكساره أو تدفق المياه فوقه، تنشأ فيضانات مفاجئة. هذا النوع من الفيضانات قد يحدث بشكل نادر ولكنه مدمر للغاية.

ثانياً: العوامل البشرية المساهمة في حدوث الفيضانات

1. إزالة الغابات والتوسع العمراني العشوائي

الغابات تلعب دوراً هاماً في امتصاص مياه الأمطار وتنظيم تدفقها. يؤدي قطع الأشجار وتدمير الغطاء النباتي إلى تقليل قدرة التربة على امتصاص المياه، مما يزيد من سرعة جريان المياه السطحية وبالتالي يزيد احتمال حدوث الفيضانات. كما أن البناء على الأراضي الزراعية أو المنخفضات الطبيعية يمنع تسرب المياه إلى الأرض ويحولها إلى مجرى فيضاني.

2. سوء إدارة الموارد المائية

يتسبب بناء السدود والقنوات المائية بشكل غير مدروس في تغيير الأنظمة الطبيعية للأنهار، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث فيضانات في مناطق غير متوقعة. كما أن إهمال صيانة السدود أو القنوات يؤدي إلى انهيارات مفاجئة تتسبب في كوارث.

3. انسداد شبكات التصريف

في المناطق الحضرية، تؤدي المخلفات الصلبة والبلاستيكية إلى انسداد شبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار. وعندما تهطل الأمطار بكثافة، تتجمع المياه في الشوارع والمناطق المنخفضة وتغمرها.

4. التغير المناخي

يُعد التغير المناخي عاملاً رئيسياً مساهماً في زيادة تواتر وحدة الفيضانات حول العالم. فارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة تبخر المياه، مما ينتج عنه تكوّن كميات أكبر من الأمطار في دورات مناخية غير منتظمة. كما يسهم في ذوبان الجليد وارتفاع منسوب مياه البحار.

ثالثاً: آثار الفيضانات على البيئة والإنسان

1. الخسائر البشرية والمادية

تتسبب الفيضانات في فقدان الأرواح، وتشريد مئات الآلاف من السكان، وتدمير المنازل والبنية التحتية من طرق وجسور ومرافق صحية وتعليمية. كما تتأثر شبكات الكهرباء والاتصالات بشكل كبير.

2. تدهور التربة وفقدان الأراضي الزراعية

تعمل المياه الجارفة على تآكل الطبقة السطحية للتربة وتدمير الأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل الغذائية، وتهديد الأمن الغذائي في بعض المناطق.

3. انتشار الأمراض

تساهم المياه الراكدة بعد الفيضانات في توفير بيئة مناسبة لتكاثر الحشرات والبعوض، مما يزيد من مخاطر تفشي الأمراض مثل الملاريا، الكوليرا، والتيفوئيد. كما أن تلوث مصادر مياه الشرب يشكل خطراً صحياً مباشراً.

4. الأثر البيئي طويل الأمد

تؤدي الفيضانات إلى تغييرات دائمة في طبيعة النظم البيئية، مثل تغيير مجاري الأنهار، وتدمير المواطن الطبيعية للحيوانات، وانتقال الملوثات الكيميائية إلى مناطق جديدة بفعل المياه.

رابعاً: أبرز الفيضانات التاريخية

خامساً: التدابير الوقائية لتقليل خطر الفيضانات

• تصميم البنية التحتية بشكل مقاوم للفيضانات: بناء سدود، وحواجز مائية، ومجاري تصريف فعالة.

• الزراعة المستدامة والحفاظ على الغابات: يعزز من تماسك التربة ويقلل من سرعة جريان المياه.

• التخطيط الحضري الجيد: عدم البناء في مناطق الأودية أو الأراضي المنخفضة القريبة من الأنهار.

• أنظمة إنذار مبكر: رصد الأحوال الجوية والتنبؤ بمستويات الأمطار ومستوى الأنهار للإنذار المبكر قبل حدوث الفيضانات.

• رفع الوعي المجتمعي: تعليم الناس كيفية الاستعداد لمواجهة الفيضانات واتخاذ الإجراءات الصحيحة أثناء الطوارئ.

المصادر والمراجع

• World Meteorological Organization (WMO): Flood Risk Management: A Strategic Approach.

• Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC): Climate Change and Water Report.